سحابة …

    

10

     عن أبي هريرة قال : (( وضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة من ثريد ولحم فتناول الذراع وكان أحب الشاة إليه فنهش نهشة وقال : (( أنا سيد الناس يوم القيامة )) , ثم نهش أخرى وقال : (( أنا سيد الناس يوم القيامة )) فلما رأى أصحابه لا يسألونه قال : ألا تقولون كيف ؟ قالوا : كيف يا رسول الله ؟ قال : يقوم الناس لرب العالمين فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر فذكر حديث الشفاعة بطوله . وقال في آخره : (( فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجداً لربي فيقيمني رب العالمين مقاماً لم يقمه أحداً قبلي ولن يقيمه أحداً بعدي فأقول : يا رب أمتي فيقول : يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك مع الأبواب , والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو هجر ومكة )) وفي لفظ (( لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى )) متفق عليه صحته . وفي لفظ خارج الصحيح بإسناده (( إن ما بين عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر )) .

     وعن خالد بن عمير العدوي قال : (( خطبنا عتبة بن عزوان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد , فإن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء , ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يصطبها صاحبها , وإنكم منقلبون منها إلى دار لا زوال لها فانقلبوا بخير ما بحضرتكم . ولقد ذكر لنا أن مصراعين من مصاريع الجنة بينهما مسيرة أربعين سنة وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام , فهذا موقوف والذي قبله مرفوع فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذاكر له كان هذا ما بين باب من أبوابها ولعله الباب الأعظم , وإن كان الذاكر ذلك غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقدم على حديث أبي هريرة المتقدم .

     ولكن قد روى الإمام أحمد في مسنده من طريق حماد بن سلمة قال سمعت الجريري يحدث عن حكيم بن معاوية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أنتم موفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله , وما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاماً وليأتين عليه يوم وله كظيظ )) وقد رواه ابن أبي داود أنبأنا إسحاق بن شاهين أنبأنا خالد عن الجريري عن حكيم بن معاوية عن أبيه يرفعه : (( ما بين كل مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة سبع سنين )) .

     وروينا في مسند عبد بن حميد أنبأنا الحسن بن موسى أنبأنا ابن لهيعة أنبأنا دراج أبو السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن ما بين مصراعين في الجنة لمسيرة أربعين سنة )) وحديث أبي هريرة أصح وهذه النسخة ضعيفة والله أعلم .

     وروى أبو الشيخ أنبأنا جعفر بن أحمد بن فارس أنبأنا يعقوب بن حميد أنبأنا معن حدثنا خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الباب الذي يدخل منه أهل الجنة مسيرة الراكب المجد ثلاثاً , ثم إنهم ليضغطون عليه حتى تكاد مناكبهم تزول )) رواه أبو نعيم عنه وهذا مطابق للحديث المتفق عليه : (( إن ما بين المصراعين كما بين مكة وبصرى )) فإن الراكب المجد غاية الإجادة على أسرع هجين لا يفتر ليلاً ولا نهاراً يقطع هذه المسافة في هذا القدر أو قريب منه . وأما حديث حكيم بن معاوية فقد اضطرب رواته فحماد بن سلمة ذكر عن الجريري التقدير بأربعين عاماً وخالد ذكر عنه التقدير بسبع سنين وحديث أبي سعيد المرفوع فيه التقدير بأربعين عاماً على طريقة دراج عن أبي الهيثم .

     قال الإمام أحمد : أحاديث دراج مناكير وقال أبو حاتم الرازي : ضعيف . وقال النسائي : ليس بالقوي .

     فالصحيح المرفوع السالم عن الاضطراب والشذوذ والعلة حديث أبي هريرة المتفق على صحته . على أن حديث حكيم بن معاوية ليس التقدير فيه بظاهر الرفع , ويحتمل أنه مدرج في الحديث موقوف فيكون كحديث عتبة بن غزوان .

Comments on: "( 11 ) الباب العاشر : في ذكر سعة أبوابها" (2)

  1. أسئل الله أن يرزقني وإياك ياصديقة جنته
    صباحك ريح جنة

اترك رداً على روح السماء إلغاء الرد